هبة الله عضو مبدع
عدد الرسائل : 349 تاريخ التسجيل : 27/09/2009
| موضوع: مواعظ الشتاء الأربعاء أكتوبر 28, 2009 10:57 pm | |
| أيها الإخوة المؤمنون: تتقلب الأيام ، وتتغير الأحوال ،وتتعاقب الفصول،فالصيف يعقبه الخريف ،ويأتي الربيع بعد الشتاء ،وفي ذلك حكمة بالغة،غفل عنها من لم ير إلا قرص زمهريرها ، أو لفح سمومها ،وبهرت عينَه نضرةُ زهرها،ولم يلمح تساقط أوراقها . ولكوننا يا عباد الله نعيش هذه الأيام في بدايات فصل الشتاء ، و يوشك أن يلفنا بردائه فإننا نقف بكم اليوم إخوة الإيمان الوقفات الوجيزة على شيء مما ورد فيه0 الوقفة الأولى:- إن المتأمل في هذا الكون ليزداد إيمانه ويصح يقينه ويقبل على ربه ويتوب من ذنبه: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِالَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [آل عمران: 190، 191]. وإن تقلّب الزمان وتصرفَ الأحوال من حر إلى قَر ومن صيف إلى شتاء، إنما هو بحكمته وتصريفه، فهو سبحانه أعلم بما يُصلِح عباده وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُم ْ [البقرة:216]، فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ ٱللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً [النساء:19].
الوقفة الثانية : هل تذكرنا أيها المسلمون أن هذا البرد الذي نعاني منه بعض الأحيان، وننزعج منه، ويتمنى الكثيرون سرعة ذهابه، أنه نفس من أنفاس جهنم، وجزء يسير جداً مما في النار من العذاب والنكال، أجارنا الله جميعاً منها ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((اشتكت النار إلى ربها فقالت: رب أكل بعضي بعضاً، فأذن لها بنفسين، نفس في الشتاء ونفس في الصيف، فهو أشدّ ما تجدون من الحر وأشدّ ما تجدون من الزمهرير)) أخرجه الإمام البخاري ومسلم
ومن فضائل الشتاء أنه يُذكِّر بزمهرير جهنم، ويوجب الاستعاذة منها, ذكر ابن رجب في حديث أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما عن النبي قال: ((إذا كان يوم شديد البرد فإذا قال العبد لا إله إلا الله ما أشد برد هذا اليوم، اللهم أجرني من زمهرير جهنم، قال الله تعالى لجهنم إن عبداً من عبادي استجار بي من زمهريرك وإني أشهدك أني قد أجرته)) قالوا وما زمهرير جهنم. قال: ((بيت يلقى فيه الكفار فيتميز من شدة برده))، وفي الحديث عند الشيخين وغيرهما عن النبي أنه قال: ((إن لجهنم نفسين نفساً في الشتاء ونفساً في الصيف، فأشد ما تجدون من البرد من زمهريرها، وأشد ما تجدون من الحر من سمومها))، وروي عن ابن عباس قال: (يستغيث أهل النار من الحر فيغاثون بريح باردة يصدع العظام بردها فيسألون الحر ويستغيثون بحر جهنم).
الوقفة الثالثة :الشتاء يا عباد الله ظرف يمكن تسخيره لطاعة الله، أخرج الإمام أحمد في حديثٍ حسنٍ عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي أنه قال: ((الشتاء ربيع المؤمن)) أخرجه البيهقي، وزاد فيه: ((طال ليله فقامه وقصر نهاره فصامه)) إذ إن الشتاء ربيع المؤمن ، يرتع فيه في بساتين الطاعات ، ويتنقل في ميادين العبادات ، ويسرح في طرق الباقيات الصالحات . وكان أبو هريرة رضي الله عنه يقول :" ألا أدلكم على الغنيمة الباردة ؟ قالوا : بلى ، قال : الصيام في الشتاء ". وصدق رضي الله عنه ، فصيام يوم الشتاء لا يلحق الصائم فيه مشقة ولا كلفة ، ولا يكاد يشعر فيه بالصوم ، لقصر يومه مع برودته ، فلا جوع ولا ظمأ ، فينال أجر الصيام بغير تعب ولا عناء ، والله ذو الفضل العظيم .وفي الشتاء يطول الليل ،فيتمكن المؤمن من إشباع رغبته في النوم ،فتنال نفسه حظها من الراحة ، فيقوم نشطا يتهجد ويناجي ربه،فينال في ليل الشتاء راحتين،راحته بالنوم ،وراحته بالقيام ،ويتلذذ في ليله بطول المناجاة ، فيطول ثلثه الأخير،ويتنعم صاحب الحاجة بطول وقت شرح فقره ،وبيان شدة فقره لمولاه
الوقفة الرابعة: إن مما لا يحتاج إلى برهان أننا بحمد الله ننعم بالرخاء ورغد العيش، وقد توفر لدينا العديد مما ندفع به عنا أذى البرد وشدته، فالملابس الثقيلة الدافئة متوفرة وبأقل الأثمان، وأجهزة التدفئة ميسرة موجودة، مما يجعل أحدنا بحمد الله يمر به موسم الشتاء بلا كدر أو مرض،يبيت دافئاً مطمئناً على أهل بيته وعياله،وقد شبعوا من نعمة الله، وهذه والله نعمة جليلة ومنحة جسيمة لا يشعر بها إلا من ذاق لسع البرد وسهر الليالي من شدة الصقيع والجوع،فهل تذكرنا هذه النعمة التي نعايشها دوماً، وهل تأملنا في هذه النعم التي يذكرنا بها القرآن الكريم:وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَاناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ [النحل:80، 81].إن تذكر هذه النعم واستشعارها يوجب شكر المنعم جل وعلا، وبالشكر تقيد النعم وتزداد، وبترك الشكر تزول النعم وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ [إبراهيم:7] والشكر لا يكفي باللسان بل لا بد من الشكر العملي، ومن ذلك ترك الإسراف والتبذير، ومن الشكر تفقد المحتاجين ولو بالفاضل من الملابس أو وسائل التدفئة، ففي صحيح مسلم عن أبي سعيد ألخدري رضي الله عنه قال: "بينما نحن في سفر مع النبي إذ جاء رجل على راحلة له قال: فجعل يصرف بصره يميناً وشمالاً فقال رسول الله : ((من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له))، قال: فذكر من أصناف المال ما ذكر حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل.فنعم الإله علينا كثيرة لا يتم شكرها إلا بالقول المدعم بالفعل: اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ [سبأ:13]، لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ [إبراهيم:7]. جعلنا الله وإياكم من الشاكرين الذاكرين الباذلين للمعروف الآمرين به الداعين إليه، اللهم ارزقنا فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين يا رب العالمين 0
أما الوقفة الخامسة والأخيرة: يا عباد الله التي يقفها المتأمل في حال الشتاء وبرده: ففي الشتاء يعظم البرد على أقوام من إخواننا ، لا يجدون ما يقيهم زمهريره ، ربما ظن من يجري في مواسيره الماء دافئا أن كل الناس ينعمون بمثله ،وربما ظن من يلتحف في الفراش بأغلى اللحاف،ويلبس من الصوف أشكالا وألوانا ،ربما ظن أن الجميع يجد ما يجد،ويستطيع أن يتقي البرد كما يتقيه .فنحن نعيش الآن في نعمة لا تقدر بثمن، فنلبس ونغير في كل عام،ونقتني كل واقٍ يقينا من شدة البرد،فننام متلحفين ،ونخرج إلى مساجدنا مثل ذلك ،ويعيش بعضنا وكأنه في وسط الصيف ليس ذلك إلا من نعمة الخالق سبحانه عز وجل،فنحبَّ للناس ما نحبُّه لأنفسنا ،فإذا مرت عليك أيها المسلم ليلة شاتية ،وذقت فيها البرد القارص،ففررت إلى مكان دافئ وغصت بين أحضان فراش وفي،أعلم حينها أن هناك من يشاركك الشعور بالبرد ولكن لا يجد وسائل الدفء ،هناك من يفترش الأرض ويلتحف السماء ،لا يجد له من دون الأرض مفرش، ولا يجد له من البرد غطاء.، فالأموال متيسرة عند الكثير والثياب والألبسة الزائدة عند الكثير منَّا لم تلبس،ولم تنفق لمحتاجيه 0بل هي أسيرة للمستودعات أو في سلة المهملات ،كم يملك أحدنا من الثياب على اختلاف أنواعها والوانها ،وكم تملك نساؤنا من الملابس على اختلاف أشكالها ، وكم نشتري في العام الواحد لأطفالنا من أصناف الملابس والأحذية فلنؤثر إخواننا ولو بفضل حاجتنا ، وبما استغنت عنه أنفسنا من ملابس الأعوام الماضية ولنتذكر أن الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيــــه0فمن الناس من لا يملك ما يدفع عن نفسه ضرر هذا البرد ،فها قد سنحت الفرصة لأهل الثراء والأغنياء ومحبي الخير أن يتفقدوا جيرانهم والمحاويج من أقاربهم، يتفقدونهم بالملابس والأغطية والمدافئ التي هي من نعم الله علينا في هذا العصر.وبعض من تفضل الله عليهم بالنعم يظن أن الناس كذلك، ويعلم الله أن هناك ـ وفي هذه المحافظة بالذات ـ من لا يملكون الضروريات فضلاً عن الكماليات،ولن تعدم الأمة أمثال هؤلاء، فإنني على يقين أن هناك الكثير ممن يسمعون كلامي الآن يتشوقون إلى مثل هذه الأعمال، ولكنهم لا يجدون من يعينهم على إيصال هذه النفقات، فلنتعاون جميعاً على ذلك، ولنرشد الأثرياء إلى الفقراء، ولنرفع حاجة من لا يستطيع رفعها، فإن هناك من لا يسأل الناس إلحافاً وهم معروفون بسيماهم لا يخفون على من يريد البذل والإحسان. إن ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، وأبواب الخير كثيرة مشرعة0 كما أذكركم بإخوان لنا في الدين في بلاد شتى، قد ابتلوا بشيء من الفقر والحاجة وقلة ذات اليد، فلا يجدون ما يحميهم من برودة الشتاء،أو يكنهم من لذع الصقيع، فقد مزق البرد أوصالهم ، وأسال دموعهم ، وجمد جلودهم وأذاقهم الحزن الأليم ،واجتمع مع ذلك فقد الأهل والوطن،وعدم المأوى والكساء،أجسامهم شبه عارية، وأقدامهم حافية، فراشهم الغبراء ولحافهم السماء، منهم من هدمت داره،وفرّق عياله، الخوف والوجل يحوطهم، والعدو متربص بهم، عدو لا يرقب في مؤمن إلاً ولا ذمة، فهل قمنا بواجبنا نحوهم دعماً وإطعاماً وإغاثة، وهل سألنا الله تعالى أن يرفع الضر ويذهب الجوع والخوف عن كل مسلم، أياً كانت أرضه وبلاده، أم أن الأمر لا يعنينا ما دمنا نرفل في نعم سابغة وخيرات متوافرة0 فلهم منا الدعاء الخالص ، و ليس لهم إلا الذي خلقهم ، فهو ولي المستضعفين،وناصر المكروبين،فيا أخي الكريم لا تغفل عن إخوانك المعوزين ، الفقراء والمساكين،تلمس حاجتهم ،خاصة في الشتاء،فقد والله فضح الشتاء أناسا لم يدع لهم سترا يستترون به ،حتى لا يسألوا الناس ، كما قال أحدهم : الواحد لأطفالنا من أصناف الملابس والأحذية فلنؤثر إخواننا ولو بفضل حاجتنا ، وبما استغنت عنه أنفسنا من ملابس الأعوام الماضية ولنتذكر أن الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيــــه
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت ،أنت الغني ونحن الفقراء ، وأنت القوي ونحن الضعفاء ، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين اللهم أغثنا ....اللهم أغثنا ...اللهم أغثنا اللهم إنا نستغفرك بأنك كنت غفار فأرسل السماء علينا مدرارا .الله أنبت لنا الزرع وأدر لنا الضرع يا ذا الجلال والإكرام .اللهم أنزل علينا من بركات السماء وأخرج لنا من بركات الأرض يا سميع الدعاء, اللهم إنا نسألك أن تغير أحوالنا إلى أحسن حال اللهم إنا ضعفاء فقوّنا, أقوياء بك فعزّنا, دعوانك ربنا فأحيينا وسألناك خالقنا فأتنا سؤلنا0 رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ | |
|
روز الجنة عضو مبدع
عدد الرسائل : 202 تاريخ التسجيل : 28/09/2009
| موضوع: رد: مواعظ الشتاء الجمعة أكتوبر 30, 2009 11:36 am | |
| جزاكم الله خيرا | |
|