التائب الى الله عضو فعال
عدد الرسائل : 92 تاريخ التسجيل : 09/06/2009
| موضوع: لحوم البشر: أشهى مأكولات العصر؟ السبت سبتمبر 26, 2009 6:11 pm | |
| لا تطيب مجالس الناس اليومَ إلا بتناول وجبةٍ دسمة من لحم أحد المسلمين، ينهش الجالسون في لحم هذا الشخص، كلٌّ منهم يتناول قطعةً منه، فلا يشبعون ولا يملُّون من تَكرار تناولها كُلَّما اجتمعوا، حتَّى أصبحت رائحة الغِيبة المنتنة تفوح من المجالس.
فإلى مَن أدمنوا أكل لحوم البشر أقول: إنَّ الغيبة مرض خطير، وداء فتاك، وسلوك يُفرق بين الأحباب، وقد نهانا الله - تعالى - عن الغيبة؛ فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} [الحجرات: 12].
والغيبة كما قال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ذكرك أخاك بما يكره ولو كان فيه))، قيل: يا رسول الله، إن كان في أخي ما أقول؟ قال: ((إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهتَّه))[1]، وما يكرهه الإنسان يتناول خَلْقَه وخُلُقه ونسبه، وكل ما يخصه.
وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قلت للنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: حسبك من صفية كذا وكذا – تعني: أنَّها قصيرة - فقال النَّبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لقد قلت كلمة لو مزجت بماءِ البحر لمزجته))؛ أي: خالطته مُخالطة يتغيَّر بها طعمه أو ريحه؛ لشدَّة قبحها.
والغيبة من كبائرِ الذُّنوب، وهي مُحرمة بإجماع المسلمين؛ فقد قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((كل المسلم على المسلم حرام: ماله وعرضه ودمه))[2].
وعن سعيد بن زيد - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((إنَّ مِن أرْبَى الرِّبا الاسْتِطالَةَ في عِرْضِ المُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقّ)).[3]
والقائل والمستمع للغيبة سواء؛ قال عتبة بن أبي سفيان لابنه عمرو: "يا بني، نزِّه نفسك عن الخنا، كما تُنَزِّه لسانك عن البذا؛ فإنَّ المستمع شريك القائل". لذلك لا تعجب حين تَجد القرآن الكريم يصوِّر الغيبة في صورة مُنفرة، تتقزز منها النفوس، وتنبو عنها الأذواق؛ قال تعالى: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ} [الحجرات: 12]، فشبَّه أكل لحمه ميتًا المكروه للنُّفُوس غاية الكراهة باغتيابه، فكما أنَّ الناس يكرهون أكلَ لحمه، وخصوصًا إذا كان ميتًا، فكذلك فليكرهوا غيبته، وأكل لحمه حيًّا؛ قال السعدي - رحمه الله -: "وفي هذه الآية دليل على التحذير الشديد من الغيبة، وأنَّ الغيبة من الكبائر؛ لأنَّ الله شبهها بأكل لحم الميت، وذلك من الكبائر". اهـ.[4]
فمثل المغتاب كمثل الكلب، فالكلبُ هو الحيوان الوحيد الذي يأكلُ لحمَ أخيه بعد موته. يُشَارِكُكَ الْمُغْتَابُ فِي حَسَنَاتِهِ *** وَيُعْطِيكَ أَجْرَيْ صَوْمِهِ وَصَلاَتِهِ وَيَحْمِلُ وِزْرًا عَنْكَ ضَنَّ بِحَمْلِهِ *** عَنْ النَّجْبِ مِنْ أَبْنَائِهِ وَبَنَاتِهِ فَكَافِئْهُ بِالْحُسْنَى وَقُلْ رَبِّ جَازِهِ *** بِخَيْرٍ وَكَفِّرْ عَنْهُ مِنْ سَيِّئَاتِهِ فَيَا أَيُّهَا الْمُغَتَابُ زِدْنِي فَإِنْ بَقِي *** ثَوَابُ صَلاَةٍ أَوْ زَكَاةٍ فَهَاتِهِ كفارة الغِيبة: الغيبة من الكبائر، وليس لها كفارة إلاَّ التوبة النصوح، وهي من حقوق الآدميين، فلا تصح التوبة منها إلاَّ بأربعة شروط، هي: 1 - الإقلاع عنها في الحال. 2 - الندم على ما مضى منك. 3 - العزم على ألاَّ تعود. 4 - استسماح من اغتبته إجمالاً أو تفصيلاً، وإن لم تستطع، أو كان قد مات أو غاب، تكثر له من الدعاء والاستغفار.
هل يجب على صاحب الحق أن يُسامح؟ لا يَجب عليه ذلك، ولكن يُستحب له، فإنْ شاءَ سامح، وإن شاء لم يُسامح. وكان بعض السَّلف لا يُحلل أحدًا اغتابه.
قال سعيد بن المسيب - رحمه الله -: "لا أحلل من ظلمني".
وقال ابن سيرين - رحمه الله -: "إنِّي لم أحرمها عليه، فأحللها له، إنَّ اللهَ حرم الغيبة عليه، وما كنت لأحلل ما حرَّم الله أبدًا".
ولا شكَّ أنَّ العفو أفضلُ، فهو سبيل المحسنين، فكن كبيرًا وانس الماضي، فالحياة أقصر من أن ندنسها بالحقد والضَّغينة.
قال النووي في "الأذكار": يُستحبُّ لصاحب الغِيبة أن يبرئه منها، ولا يجبُ عليه ذلك؛ لأنه تبرُّعٌ وإسقاطُ حقٍّ، فكان إلى خِيرته؛ ولكن يُستحبُّ له استحبابًا متأكدًا الإِبراء؛ ليُخلِّصَ أخاه المسلم من وبال هذه المعصية، ويفوزَ هو بعظيم ثواب اللَّه - تعالى - في العفو ومَحبة اللَّه - سبحانه وتعالى - قال اللَّه - تعالى -: {وَالكاظِمِينَ الغَيْظَ وَالعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهِ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ} [آل عمران: 134]، وقال تعالى: {وَلمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِن ذلكَ لَمِنْ عَزْمِ الأمُورِ} [الشورى: 43]. اهـ.[15] قِيلَ لِي قَدْ أَسَاءَ فِيكَ فُلانٌ *** ومُقَامُ الْفَتَى عَلَى الذُّلِّ عَارُ قُلْتُ قَدْ جَاءَنَا وَأَحْدَثَ عُذْرًا *** دِيَةُ الذَّنْبِ عِنْدَنَا الاعْتَذَارُ
[/size] | |
|
حاملة المسك عضو مبدع
عدد الرسائل : 217 تاريخ التسجيل : 13/03/2009
| موضوع: رد: لحوم البشر: أشهى مأكولات العصر؟ الثلاثاء أكتوبر 27, 2009 1:34 pm | |
| جزاك الله خير موضوع مميز جدا ومفيد | |
|