عاطف الشرقاوى عضو مبدع
عدد الرسائل : 311 تاريخ التسجيل : 04/07/2009
| موضوع: القول الصحيح فى تفسير......لأطوفن الليلة على مائة امرأة... 6 السبت يوليو 18, 2009 5:21 pm | |
| الشبهة الثالثة: أنه لا يمكن لبشر مجامعة هذا العدد من النساء ولا يليق ذلك بنبي: قال الكردي : " والإشكال الآخر : كيف لإنسان بشر أن يطوف على مائة امرأة فيجامعهن كلهن في ليلة واحدة ! أي في عدة ساعات ! وهل يليق هذا بنبي من أنبياء الله؟!"( 54). والجواب على هذه الشبهة : نقول لماذا هذا الإنكار المجرد على سليمان عليه السلام أن يمتلك تلك القوة الجسدية، وقد آتاه الله من الملك ما لم يؤته أحداً من قبله، فقد كان يكلم الدواب، وتحشر له الجيوش من الإنس والجن والطير، ويصرِّف الجن، وتسير الرياح بين يديه بأمر ربه. قال تعالى: ( قال رب اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب ، فسخرنا الرياح تجري بأمره رخاء حيث أصاب ، والشياطين كل بناء وغواص، وآخرين مقرنين في الأصفاد ، هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب ، وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب ) [ص: 35 ـ 40]. فسليمان عليه السلام كان ملكاً نبياً وقد آتاه الله من النعيم ما لم يؤته أحداً من قبله، وقد آتاه الله من كل شيء قال تعالى : (وورث سليمان داود وقال يا أيها الناس عُلمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء إن هذا لهو الفضل المبين ) [ النمل :16]. وهذا الحديث هو في منظومة هذه الآيات وفي سياقها يذكر بعضَ ما أنعم الله به على سليمان عليه السلام من القوة الجسدية، فما المستغرب في الأمر؟!.
ولا شك أن من يؤمن بهذه الآيات؛ فالإيمان بما احتواه هذا الحديث عليه أيسر وأولى، إذ كيف يصدق العقل مكالمة البشر للدواب، وتصريفه للريح، واستخدام الجن والشياطين وتصفيدهم، ثم بعد ذلك كله ينكر إمكانية أن يمده الله بهذه القوة الجسدية . ثم كيف يمكن لسليمان عليه السلام أن يقوم بتدبير تلك المملكة المترامية الأطراف والأتباع من الإنس والجن والطير، وكيف يمكن له عليه السلام إحصاؤهم واكتشاف الهدد المتغيب عن حضور الجند، هل يرفض العقل أن يكون هذا النبي الكريم عليه السلام قد أوتي من القوة في الجسم ما لم يؤته الله إلا لمن علم هو سبحانه من عباده. ولا شك أن قلة العقل واتباع الهوى؛ سبب في هذا الاضطراب والتردد عند الكاتب، فهو يصف في بداية كلامه على هذا الحديث سليمان عليه السلام بأنه " نبي عظيم "( 55) ثم بعد ذلك ينكر بعض جوانب تلك العظمة التي خصها الله تعالى بمن شاء من عباده. ولذلك فإن العلماء قد جعلوا هذا الحديث دليلاً على كمال الأنبياء عليهم السلام بخلاف فهم الكاتب الذي رأى أن ذلك غير لائق بالأنبياء : قال العيني : " وفيه ما كان الله تعالى خص به الأنبياء من صحة البنية وكمال الرجولية، مع ما كانوا فيه من المجاهدات في العبادة. والعادة ـ في مثل هذا لغيرهم ـ الضعف عن الجماع. لكن خرق الله تعالى لهم العادة في أبدانهم،كما خرقها لهم في معجزاتهم وأحوالهم، فحصل لسليمان عليه الصلاة والسلام من الإطاقة أن يطأ في ليلة مائة ... وليس في الأخبار ما يحفظ فيه صريحاً غير هذا إلا ما ثبت عن سيدنا رسول الله أنه أعطي قوة ثلاثين رجلاً في الجماع(56 ) ... وكان إذا صلى الغداة دخل على نسائه فطاف عليهن بغسل واحد ثم يبيت عند التي هي ليلتها(57 ) وذلك لأنه كان قادراً على توفية حقوق الأزواج وليس يقدر على ذلك غيره مع قلة الأكل"(58 ).
الشبهة الرابعة: هل يمكن أن سليمان عليه السلام قد توقف بعد ذلك، حتى يرى ما أمل من الأبناء :
قال الكردي : " إذا كان سليمان قد ترك قول ( إن شاء الله ) عامداً( 59) في تلك الليلة، أفلم يجامع بعد ذلك أحداً من نسائه المائة في الليالي التالية؟ فكيف لم تحمل أي منهن ؟ أم أنه توقف عن الجماع لمدة تسعة أشهر حتى يرى نتيجة جماعاته في تلك الليلة؟!"( 60).
فالجواب على هذه الشبهة : أن ما يسأل عنه الكاتب هنا، جوابه في متن الحديث الذي يُنكره، فإن آمن به وصدق؛ فإنه لا محالة سيعلم أن سليمان عليه السلام لم يلد له من تلك النسوة من هذا الجماع سوى امرأة ولدت شق رجل، أما ما كان بعد ذلك فلم يرد النص فيه، ولا خبر فيه عن الرسول صلى الله عليه وسلم فأنى له بالوصول إليه، ولا يمكن للعقل أن يصل للأخبار الغيبية إلا بالسمع. وليس الجهل به قادحٌ في صحة هذا الحديث، بل السؤال مقلوب عليه فيقال: هل طاف(61 ) سليمان عليه السلام بعد ذلك بنسائه؟، وهل عنده خبر عن ما حدث بعد ذلك من تفاصيل. وأختم هذا الحديث بالصلاة والسلام على النبي الكريم سليمان بن النبي الكريم داود عليهما السلام وبقوله تعالى في مدحه والثناء عليه : ( ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب ) [ ص: 30 ]. والله تعالى أعلم ... | |
|