روي عن عبد الله بن مسعود: الفرج والروح في اليقين والرضا، والهم والحزن في الشك والسخط.
وكان يقول: الصبُورُ يُدرِك أحمَدَ الأُمُورِ.
قال أبان بن تغلب: سمعت أعرابيا يقول: من أفضل آداب الرجال أنه إذا نزلت بأحدهم جائحة استعمل الصبر عليها، وألهم نفسه الرجاء لزوالها، حتى كأنه لصبره يعاين الخلاص منها والعناء، توكلا على الله عز وجل، وحسن ظن به، فمتى لزم هذه الصفة لم يلبث أن يقضي الله حاجته، ويزيل كربته، وينجح طلبته، ومعه دينه وعرضه ومروءته.
روى الأصمعي عن أعرابي أنه قال: خَفِ الشر من موضع الخير، وارجُ الخير من موضع الشر، فرب حياة سببها طلب الموت، وموت سببه طلب الحياة، وأكثر ما يأتي الأمن من ناحية الخوف.
وإذا العــناية لاحظتك عيونها *** نــم فالحـوادث كلهن أمان
وقال قطري بن الفجاءة:
لا يركنن أحــد إلى الإحجــام *** يوم الوغى متخـوفـا لحمام
فلقد أراني للرمــــاح دريئـة *** من عن يميني مـرة وأمامي
حى خضبت بمـا تحدر من دمي *** أحناء سرجي أو عنان لجامي
ثم انصرفت وقد أصبت ولم أصب *** جذع البصيرة قـارح الإقدام
وقال بعض الحكماء: العاقل يتعزى فيما نزل به من مكروه بأمرين:
أحدهما: السرور بما بقي له.
والآخر: رجاء الفرج مما نزله به.
والجاهل يجزع في محنته بأمرين:
أحدهما: استكثار ما أوى إليه.
والآخر: تخوفه ما هو أشد منه.
وكان يقال: المحن آداب الله عز وجل لخلقه، وتأديب الله يفتح القلوب والأسماع والأبصار.
ووصف الحسن بن سهل المحن فقال: فيها تمحيص من الذنب، وتنبيه من الغفلة، وتعرض للثواب بالصبر، وتذكير بالنعمة، واستدعاء للمثوبة، وفي نظر الله عز وجل وقضائه الخيار.
فهذا من أحب الموت؛ طلبا لحياة الذكر ﴿الَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ [آل عمران: 168].
أقوال في تهوين المصائب
قال بعض عقلاء التجار: ما أصغر المصيبة بالأرباح، إذا عادت بسلامة الأرواح.
وكان من قول العرب: إن تسلم الجلة فالسخلة هدر.
ومن كلامهم: لا تيأس أرض من عمران، وإن جفاها الزمان.
والعامة تقول: نهر جرى فيه الماء لا بد أن يعود إليه.
وقال ثامسطيوس: لم يتفاضل أهل العقول والدين إلا في استعمال الفضل في حال القدرة والنعمة، وابتذال الصبر في حال الشدة والمحنة