دعونا نتابع كم كان الرسول صلى الله عليه وسلم متواضعا
سيد ولد آدم يجلس بين أصحابه فيأتي الرجل الغريب فلا يُميِّزه من بينهم حتى يسأل عنه !
فعن أبي هريرة قال : بينما النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه جاءهم رجل من أهل البادية فقال : أيكم ابن عبد المطلب ؟
قالوا : هذا الأمغر المرتفق .
قال حمزة – أحد رواة الحديث – : الأمغر الأبيض المشرب حمرة .
قال : إني سائلك فَمُشْتدّ عليك في المسألة .
قال : سل عمّا بدا لك .
قال : أنشدك بربِّ من قبلك ورب من بعدك آلله أرسلك ؟
قال : اللهم نعم .
قال : وأنشدك به آلله أمرك أن نصلي خمس صلوات في كل يوم وليلة ؟
قال : اللهم نعم .
قال : وأنشدك به آلله أمرك أن تأخذ من أموال الأغنياء فتردّه على فقرائنا ؟
قال : اللهم نعم .
قال : وأنشدك به آلله أمرك أن تصوم هذا الشهر من اثني عشر شهرا ؟
قال : اللهم نعم .
قال : وأنشدك به آلله أمرك أن نَحُجّ هذا البيت من استطاع إليه سبيلا ؟
قال : اللهم نعم .
قال : فإني آمنت وصدّقت ، وأنا ضمام بن ثعلبة . رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي .
وعن أبي جري جابر بن سليم قال : رأيت رجلا يصدر الناس عن رأيه لا يقول شيئا إلا صدَرُوا عنه .
قلت : من هذا ؟
قالوا : هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قلت : عليك السلام يا رسول الله مرتين .
قال : لا تقل عليك السلام ، فإن عليك السلام تحية الميت قل : السلام عليك .
قال : قلت : أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
قال : أنا رسول الله الذي إذا أصابك ضرّ فدعوته كشفه عنك ، وإن أصابك عام سنة فدعوته أنبتها لك ، وإذا كنت بأرض قفراء أو فلاة فَضَلّت راحلتك فدعوته ردّها عليك .
قلت : اعهد إليّ .
قال : لا تسبن أحدا .
قال : فما سببت بعده حُرّا ولا عبدا ولا بعيرا ولا شاة .
قال : ولا تحقرن شيئا من المعروف ، وأن تكلم أخاك وأنت منبسط إليه وجهك إن ذلك من المعروف ، وارفع إزارك إلى نصف الساق ، فإن أبيت فإلى الكعبين ، وإياك وإسبال الإزار فإنها من المخيلة ، وإن الله لا يحب المخيلة ، وإن امرؤ شتمك وعيرك بما يعلم فيك فلا تعيره بما تعلم فيه ، فإنما وبال ذلك عليه . رواه الإمام أحمد وأبو داود .
من أجل ذلك لجأ أصحابه إلى تمييزه
فعن أبي ذر وأبي هريرة قالا : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس بين ظهري أصحابه فيجيء الغريب فلا يدري أيهم هو حتى يسأل ، فطلبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نجعل له مجلسا يَعرفه الغريب إذا أتاه . قال : فبنينا له دُكاناً من طين فجلس عليه ، وكنا نجلس بجنبتيه . رواه أبو داود والنسائي .
قال ابن الأثير : الدكان الدَّكة المبنية للجلوس عليها .