استيقظت وهمسات
أناملها تداعب خصلات شعرى
........
نادتنى : أبى
..أبى ... هيا نسابق الصباح .
نظرت اليها
وابتسامة لؤلؤة على خديها طبعت كأجمل ما يكون من دلال
وجمال.
حاولت استكمال
نومى .......لكنها سريعا ما ألصقت على جبينى قبلة
مدندنة أنشوده علمتها اياها بالامس.
(( يا صبح أقبل
بالرضى والحب انا قادمون .....
فأكملت معها
وصوتى لا يكاد يخرج من فمى .....
(( يا صبح أقبل
بالتقى والعز انا مسلمون ......))
أطلقت
صغيرتى ضحكه رقيقة وهى تحاول أن تشدنى
من تحت غطاء السرير.
حاولت التماس
الطريق الى خارج الحجرة وأنا لا أكاد أرى شيئا أمامى
من شدة الارهاق والتعب.
قالت لى : يبدو
أبى أنك أصبحت ثقيل الوزن ....فلم أعد أستطيع حملك!
حاولت رفع جفونى
المتثاقلة وابتسمت لها وقلت: بل يبدوا
انك أنتى التى لم تتناولى فطورك حتى الآن .!
نظرت الى فى
دهشة وقالت : ماذا ؟........ وهل أتناوله دونك؟
مرت ساعة حاولت
فيها الانتهاء من بعض مهام الصباح ....ثم عدت اليها فوجدتها تجلس
القرفصاء على سجادة للصلاة تمسك احدى الجرائد وتحاول مشاهدة الصور (أو هكذا ظننت
!).
قلت لها : بنيتى
ماذا تشاهدين ؟
قالت : أبى أريد
أن أسألك عن سؤال إن أجبته أنشدت لك أحلى أنشوده.
فقلت لها :اسألى
يا سيدتى الصغيرة.
قالت : إن خيرت
بينى وبين أمى فأينا تختار؟
تعجبت من السؤال
....وقررت التأنى فى الاجابة حتى لا أقع فى مشكلة!
تمتمت
وقلت: يبدوا أن خلافا وقع بين أميرة وملكة القصر.... أليس
كذلك؟
قالت: فان خيرت
بين احدى يديك على أن تقطع... فأيهما تختار؟
قلت مسرعا: صعب
الاختيار.
فقالت: هو ذاك
والله يا أبى: صعب هو الاختيار عندما لا يكون هناك أى خيار.
قلت :
..........أأأ ... نعم.
حاولت التعليق
على اجابتها بأكثر من هذا لكن يبدوا انها جملة وجدت لللإستماع فقط
.... لا للتعليق عليها.
قالت : فإن قطعنا
للعصفور جناحه ومحونا عشه وذبحنا عائلته. فماذا سيكون
شعوره؟
.........بالرغم
من غرابة السؤال أيضا الا أننى كنت سعيدا أننى وجدت سؤالا أستطيع أن
اعلق فيه لأكثر من كلمة ممارسا دور الأب المثقف .فأجبت: بنيتى .... سيكون
بالطبع حزينا جدا.
قالت: لا يا أبى
.....فكلمة الحزن هنا ليس لها أى علاقة. هو شعور لن يعرفه أبدا إلا من
عاشه لا من شاهده أو سمع عنه. فكيف نصف مالم نعرف؟!
حينها بدأت أفكر
أن بنيتى لم تعد صغيرة وأنها الان تتكلم وكأنها فى العقد الخامس أو السادس من العمر
.......!!
قالت : فماذا
سيكون شعورك يوما ان أمسكت احدى الجرائد وقرأت خبر
استشهادى؟؟
عندها تملكنى
احساس غريب جمع بين خوف واضطراب وخجل من تلك الفتاة الصغيرة ذات
العشرة أعوام التى حملتها يوما واخترت لها اسم: استشهاد.
قاطع هذا الاحساس
رنين الهاتف وأنا أجدها فرصة ذهبية للخروج من هذا الموقف الصعب
....معطيا لنفسى بعض الوقت للتفكير فيما تفكر فيه بنيتى!