الحرية لها حدود كما قال شكسبير "حريتك تنتهى عند طرف أنفى" !!
هكذا احتج مفتي مصر على حق المرأة المسلمة في أن تستر وجهها، وأن تأخذ بما تراه أقرب لقلبها وأتقى لربها في مسألة كشف وجهها!!.
فبعد أن شن هجوما حادا على النقاب، زاعما أنه عادة وليست عبادة، وناسباً إلى الإمام مالك ما لم يقله؛ حيث قال: إن النقاب مكروه عند الإمام مالك!!!
ثم قال: وإذا اعتبرنا النقاب حرية شخصية، فكيف تعمل المرأة فى مؤسسة حكومية وهى مجهولة الهوية؟!
مضيفا، الحرية لها حدود كما قال شكسبير: "حريتك تنتهى عند طرف أنفى"!! فحرية الإنسان تنتهى عند شروط عمله.
وبعيداً عن نص الإمام شكسبير؛ وهو قول عام لايقبل النسخ ولا التخصيص ولا التقييد، ويقدم على كل قول عداه حفاظاً على أنف فضيلة المفتي!!
لكن يبقى نسبة القول ببدعية النقاب إلى الإمام مالك أمرا يدعو إلى رفع الثقة عما ينقله صاحب هذا القول عن العلماء؛ فالإمام مالك قد كره انتقاب المرأة في الصلاة فقط، وليس مطلقاً كما جاء في كتب المالكية المعتمدة ومنها: "التاج والإكليل" عند قول خليل: "(وانتقاب امرأة)، من المدونة قال مالك: إن صلَّت الحرَّة منتقبة لم تُعِد. وقال ابن القاسم: وكذا المتلثمة. وقال اللخمي: ... وتسدل على وجهها إن خشيت رؤية رجل".اهـ.
وقال: "قال الباجي – المالكي - في "المنتقى": وإنما يجوز أن يخمرن وجوههن على ما ذكرنا – في الحج - بأن تسدل ثوباً على وجهها تريد الستر"، وقال الإمام أبو بكر بن العربي – المالكي -: وذلك لأن سترها وجهها بالبرقع فرض إلا في الحج، فإنها ترخي شيئاً من خمارها على وجهها غير لاصق به وتعرض عن الرجال ويعرضون عنها
". وكراهة الإمام مالك للمرأة ستر وجهها في الصلاة ليس خاصاً بالمالكية وحدهم، وإنما قال به عامة أهل العلم؛ لأن الانتقاب في الصلاة يخل بتمكين الجبهة من الأرض في السجود؛ قال الإمام أبو عمر بن عبدالبر: "أجمعوا على أن على المرأة أن تكشف وجهها في الصلاة والإحرام، ولأن ستر الوجه يخل بمباشرة المصلي بالجبهة والأنف ويغطي الفم
". وقال ابن قدامة – الحنبلي- في المغني: "لا يختلف المذهب في أنه يجوز للمرأة كشف وجهها في الصلاة , ولا نعلم فيه خلافاً بين أهل العلم"، وقال البهوتي – الحنبلي- في "كشاف القناع": "ويكره أن تصلي في نقاب وبرقع بلا حاجة
". وقال الخطيب الشربيني – الشافعي -: "وأن يصلي الرجل متلثما والمرأة منتقبة" - أي يكره ذلك -، ونص النووي في "المجموع" على أنها كراهة تنزيهية لا تمنع صحة الصلاة
". ثم لو كان النقاب بدعة – كما يزعم – فلم كرهه العلماء في الصلاة وحسب؟
! وحاصل الأمر أن نسبة القول ببدعية النقاب أو كراهته على نحو ماذهب إليه فضيلة المفتي هو قول لايبعد عن التدليس والخداع والافتقار لأدنى قواعد الأمانة العلمية... وهو قول شاذ لم يقل به أحد من الأولين قبل عصر الإمامين!!!
إذن فلم يبق لفضيلة المفتي حجة على ماذهب إليه إلا قول الإمام شكسبير ولترغم أنوف الأمة كلها حفاظا على أنف فضيلة المفتي!!