موضوع: نقابى حياتى حتى مماتى الثلاثاء أكتوبر 27, 2009 12:53 pm
إما مغضب وإما فَـرِح أما الغيور فقد دلـَــفَ مغضبا من هذا العنوان ! ويُريد أن يرى تخبّـط كاتبه أو يردّ عليه ! وأما الفَـرِح فإنه يبحث عما يتشبّث به في هذه المسألة ويُريد من يُعينه بشبهة تبعث على شهوة . فيا هذا لا تفرح إن الله لا يُحب الفرحين . ويا هذا لا تغضب وعليّ لا تعجل . والآن لنكمل العنوان : الحجاب عادة أم عبادة ؟ لنتأمل تعريف العبادة – كما عرّفها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله – بقوله : هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة . وقال : العبادة لله هي الغاية المحبوبة له والمرضية له التي خلق الخلق لها . فهل حجاب المرأة المسلمة مما يُحبّه الله ويرضاه ؟ وأعني بالحجاب ستر جميع البدن لقوله صلى الله عليه وسلم : المرأة عورة . حديث حسن رواه الترمذي وغيره . لا شك أن الحجاب عبادة . ولذا قال الله جل جلاله مُخاطبا نبيّه : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) قالت عائشة رضي الله عنها : يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) شققن مروطهن فاختمرن بها . رواه البخاري . والخمار هو غطاء الوجه . فهل تستشعر المرأة المسلمة أن الحجاب عبادة وقربة وطاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ؟ وهل ترى أنها في عبادة ؟ كما لو كانت تُصلّي وتتصدّق وتصوم وتقرأ القرآن ؟ وهل تلبس المسلمة حجابها وتحتسب في ذلك الأجر من الله ؟ وهل علمت المسلمة أن العبادات – غالبا – بخلاف هوى النفس ؟ فكما أن الصوم يُجهدها ويحتاج إلى مُجاهدة ، وكذلك الحج وغيرها من العبادات البدنية ، فكذلك الحجاب ، وإن شق عليها لبسه والتّمسك به ، وإن لمزها المنافقون ، فهو يحتاج إلى مجاهدة النفس عليه . وهل تَمَسّـك المسلمة بحجابها عبادة أو هو عادة نساء بلدها ؟ وهل تفرح بلبسه ؟ أو هي تتضايق منه ؟ وهل هي تـُحبّ حجابها أو هي كارهة له متسخِّطة لوجوده تتمنّى التخلّص منه في أقرب فرصة ؟ فإن كانت الأولى فهي مؤمنة . وإن كانت الثانية فلتحذر أن تكون ممن قال الله فيهم : {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ }
أخيّتي : تأملي حجابك ... هل هو ما يُريده الله منك ؟ وهل هو وفق سُنة النبي صلى الله عليه وسلم ؟ وهل هو حجاب أو لباس شهرة ؟ هل هو لباس ستر وعفاف أو هو لباسٌ يُنادي العيون لتقتحم نظراتها جسدك الطاهر . فإن كانت الأولى فأبشري . وإن كانت الثانية : فاقرئي قول من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم : من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة . رواه الإمام أحمد وغيره وهو حديث صحيح . فهل لبست النقاب الواسع ، نقاب الفتنة فتبعتك عيون هي رسلٌ لقلوب مريضة ؟! وكوني صريحة مع نفسك : هل لبست النقاب لأجل رؤية الطريق أو لأجل إظهار جمال العين ؟ إن كان لأجل رؤية الطريق فما دخل الرموش والحواجب والوجنتين بالرؤية ؟؟!! وإن كان لأجل الفتنة فأيما شاب كنت سببا في فتنته فلتحملي وزره إلى وزرك . ألا تعلمين أن للعيون حديث جميل ، وقول رقيق ، وكلام لطيف ؟ والنفس تعرف من عينـيّ محدّثهـا = إن كان من حزبها أو من أعاديها !! أما سمعت قول جرير : إن العيون التي في طرفها حور = قتلننا ثم لـم يُحييـن قتلانـا بل هن أمضى من السهام وأفتك من السِّحر جَعَلـت علامـات المـودةِ بيننا = مصائد لحظ هنّ أخفى من السّحر فأعرف منها الوصل في لين طرفها = وأعرف منها الهجر في النظر الشزر
فاتقي الله أمة الله وتمسكي بحجاب يُقرّبك إلى الله لا بحجاب يُباعدك من الله ويُقرّبك من النار . أجارك الله من النار أخيّتي . وحماك من دعاة السوء والرذيلة . كلٌّ يُريدك له ... ودعاة الإسلام يُريدونك لله وحده . ======== وإتماماً للفائدة لعلي أُذيّـل هذا المقال ببسط مفيد عن أدلة وجوب ستر وجه المرأة الحُـرّة كنت قد ناقشت فيه بعض الأخوة الأعزة . من أدلة وجوب تغطية وجه المرأة بحضرة الرجال الأجانب من الكتاب العزيز : قال سبحانه وتعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً } قال ابن عباس - في تفسير الآية - : أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتـهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عينـاً واحدة . وقال ابن سيرين سألت عَبيدة السَّلماني فقال بثوبه ، فغطى رأسه ووجهه وأبرز ثوبه عن إحدى عينيه . ولا يرد على هذا قول من قال إن الحجاب خاص بأمهات المؤمنين ؛ فإن الآية واضحة في النص على نساء المؤمنين عامة ( وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ ) وإنما اختصت أمهات المؤمنين بحجب أشخاصهن . قال سبحانه : ( وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ) ولا أريد الإطالة في هذه النقطة . ومن الأدلة قوله سبحانه وتعالى : ( وَلْيَضْرِبْن بِخُمُرِهِنَّ َ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ) قالت عائشة رضي الله عنها : يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنـزل الله : ( وَلْيَضْرِبْنَ ِبِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ) قالت : شققن مروطهن فاختمرن بها . رواه البخاري . والخمار هو غطاء الوجه . ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : خمروا الآنية . متفق عليه . والتخمير بمعنى التغطية . أي غطّوا الآنية . وخمار الوجه هو الغطاء الذي يُسدل عليه . وكل هذا يدلُّ على أن غطاء الوجه كان معروفاً عندهم وليس بدعاً من القول أو ضرباً من العادات ومن السنة النبوية : قول عائشة رضي الله عنها : كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مُحرِمات فإذا حاذونا سدلتْ إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها ، فإذا جاوزونا كشفناه . وهذا عام في أمهات المؤمنين وغيرهن . ومن ادّعى خصوصية أمهات المؤمنين بهذا الأمر فقد غلِط . وذلك لأن عائشة رضي الله عنها أفتت نساء المؤمنين بذلك . فقد روى إسماعيل بن أبي خالد عن أمه قالت : كنا ندخل على أم المؤمنين يوم التروية فقلت لها : يا أم المؤمنين هنا امرأة تأبى أن تغطي وجهها . فرفعت عائشة خمارها من صدرها فغطت به وجهها . رواه ابن أبي خيثمة . وكان عليه العمل عند غير أمهات المؤمنين . كما روت ذلك فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر وهي جدتها . روى الإمام مالك عن فاطمة بنت المنذر أنها قالت : كنا نخمر وجوهنا ونحن محرمات ونحن مع أسماء بنت أبي بكر الصديق . وهذا من أظهر الأدلة على وجوب الحجاب إذ لو كانت تغطية وجه المرأة أمام المحارم من المستحَـبّات لما جاز للنساء ارتكاب محظور من محظورات الإحرام لأجل أمر مسنون . فإحرام المرأة في وجهها . فإذا لم تكن بحضرة رجال أجانب فإنه يحرم عليها تغطية وجهها ، فإذا كانت بحضرة رجال أجانب وجب عليها تغطية وجهها . وهنا تعارَض واجب وأوجب والواجب كشف الوجـه أثناء الإحـرام والأوجب تغطية الوجه عن الرجال الأجانب . فدلّ فعل أمهات المؤمنين ونساء المؤمنين من بعد على أن تغطية الوجه ليست مختصة بأمهات المؤمنين . وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : المرأة عورة . رواه الترمذي وغيره . فلا يُستثنى من هذا الدليل الصحيح شيء إلا بدليل صحيح ، ومن استثنى بغير دليل فقد تحكّم برأيه ، وخالف السُّنّة . وأما الاستدلال على عدم وجوب تغطية وجه المرأة بنظر الخاطب فهذا من العجائب . فإن العلماء يستدلون به على ستر الوجه وتغطيته . إذ لو كانت المرأة سافرة الوجه لما احتاج الخاطب أن ينظر إليها لأنه سيكون قد رآها وعرفها . وفعل الصحابة رضي الله عنهم يدل على ذلك بناء على ما فهموه عن النبي صلى الله عليه وسلم . روى جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا جناح على أحدكم إذا أراد أن يخطب المرأة أن يغترها ، فينظر إليها ، فإن رضي نكح وإن سخط ترك . رواه عبد الرزاق . وروى جابر رضي الله عنه أيضا قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا خطب أحدكم امرأة فإن استطاع أن ينظر إلى بعض ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل . قال جابر : فخطبت امرأة من بني سليم فكنت أتخبأ لها في أصول النخل ، حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها فتزوجتها . رواه أبو داو والحاكم وقال : هذا حديث صحيح . وروى ابن ماجه عن محمد بن سلمة قال : خطبت امرأة فجعلت أتخبأ لها حتى نظرت إليها في نخل لها ، فقيل له : أتفعل هذا وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا ألقى الله في قلب امرئ خطبة امرأة فلا بأس أن ينظر إليها . وقد نقل الشوكاني عن ابن رسلان اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه لا سيما عند كثرة الفساق . وأما الاستدلال بآية النور في الأمر بغض الأبصار فليس فيه مستند لمن قال بعدم وجوب تغطية الوجه . إذ المرأة عورة ، فإذا خرجت استشرفها الشيطان . كما قال من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم . فإذا كانت كذلك وجب غض البصر عن المرأة ولو كانت متحجبة ، إذ قد يظهر منها شيء أو قد ينظر الرجل إلى جسم المرأة فيُفتن بها . وإذا كانت الأذن تعشق صوت المرأة كما قال بشار بن برد : يا قوم أذني لبعض الحي عاشقة = والأذن تعشق قبل العين أحيانا ! فإذا كان هذا في الأذن فالنظر إلى جسم المرأة أشد في الفتنة ، وعندها يجب غض البصر . بل ألم تسمع إلى تغزل بعض الشعراء بجسم المرأة ، وبخصرها وغير ذلك . ويؤمر المسلم بغض البصر لما يكون من الجواري ونساء العجم . قال الإمام البخاري رحمه الله : قـال سعيد بن أبي الحسن للحسن : إن نسـاء العجم يكشفن صدورهن ورؤوسهن . قال : اصرف بصرك عنهن ، يقول الله عز وجل : ( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ) قال قتادة : عمّا لا يحل لهم . ( خَائِنَةَ الأَعْيُنِ ) من النظر إلى ما نهى عنه ، وقال الزهري : في النظر إلى التي لم تِحض من النساء ، لا يصلح النظر إلى شيء منهن ممن يُشتهى النظر إليه ، وإن كانت صغيرة ، وكَرِه عطاء النظر إلى الجواري التي يُبعن بمكة إلا أن يريد أن يشتري . انتهى ما علقه الإمام البخاري رحمه الله . من أجل ذلك وجب غض البصر . ========================
ولم أرَ لمن قال بجواز كشف المرأة لوجهها أمام الرجال الأجانب سوى حديث أسماء في جواز كشف الوجه واليدين : إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يُرى منها إلا هذا وهذا . فهذا حديث ضعيف له أكثر من سبع علل . كما بينه العدوي في رسالة الحجاب . وحديث الخثعمية في الحج . وليس صريحا في الدلالة على ذلك ، إذ رواه أبو يعلى عن ابن عباس عن الفضل بن عباس قال : كنت ردف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعرابي معه ابنة له حسناء فجعل يعرضها لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجاء أن يتزوجها . قال : فجعلت ألتفت إليها وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ برأسي فيلويه . قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح . ولا يُعارضه قولها : إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يثبت على الراحلة . فإن الأب يُطلق على الجد أيضا . ويُحتمل أنها كانت وضيئة ، أي يُعرف ذلك ولو من وراء حجابها . وحديث عائشة رضي الله عنها قالت : لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصلّي الفجر ، فيشهدُ معه نساءٌ من المؤمنات متلفعاتٌ بِمُرُوطِهنّ ، ثم يرجعن إلى بيوتهن ، ما يَعرفُهُنّ أحدٌ من الغَلَسِ . رواه البخاري ومسلم . وليس في الحديث ما يدلّ على جواز كشف الوجه ، إذ يُرد المتشابه إلى المحكم . وقد تظافرت أدلة الوحيين على وجوب تغطية المرأة لوجهها . وأما الأحاديث التي قد يُفهم منها كشف الوجه كهذا الحديث فليست صريحة في الدلالة . وغاية ما في هذا الحديث نفي المعرفة ، وهو محتمل لوجوه : إما نفي معرفة أعيانهن من قِبل النساء أنفسهن . أو أنه قبل نزول الحجاب ، كما قاله الباجي ، فيما نقله عنه ابن الملقّن . ثم إن مِن عادة النساء في ذلك الزمن أنهن ينصرفن قبل الرجال قالت أم سلمة رضي الله عنها : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم قام النساء حين يقضي تسليمه ويمكث هو في مقامه يسيرا قبل أن يقوم . قالت : نرى - والله أعلم - أن ذلك كان لكي ينصرف النساء قبل أن يدركهن أحد من الرجال . رواه البخاري . بمعنى أنهن لو كشفن وجوههن مع الغلس وانصرافهن قبل الرجال لم يكن فيه من حرج ، كما أنه ليس فيه مستمسك للقول بجواز كشف المرأة لوجهها بحضرة الرجال الأجانب .
========== فهذه أختي الفاضلة أدلة الكتاب والسنة متضافـرة في وجوب ستر وتغطية وجه المرأة . بل وأقوال سلف هذه الأمة . وأي فتنة أعظم من مجمع المحاسن ، وجـه المـرأة . سائلا الله جل جلاله أن يجعل الحق هدفنا والجنة غايتنا . ................. بقلم فضيلة الشيخ / عبد الرحمن السحيم -حفظه الله-