اعلم أن هذه القصص من التاريخ ، والأمة التي تبني حياتها وحضارتها على تاريخ مزيف أمة ضعيفة مهزوزة فالتاريخ مجد الأمة وإن كان فيه ما ينير لها دربها وتفتخر به في حياتها أمام الأمم من الأمجاد والبطولات فإن اعتمدت على الروايات الضعيفة والمكذوبة دل على ضعفها وعجزها وكما قال الشيخ ناصر الدين رحمه الله :
( الذي يملك الوسيلة العلمية لتمييز ما صح منه مما لم يصح ، وهي نفس الوسيلة التي يُميَّز بها الحديث الصحيح من الضعيف ، ألا وهو الإسناد الذي قال فيه بعض السلف : لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء . ولذلك لما فقدت الأمم الأُخرى هذه الوسيلة العظمى ، امتلأ تاريخها بالسخافات والخرافات )
وإليك نص كلامه من الصحيحة :
ذكر العلامة الألباني - رحمه الله- في ذلك كلاماً مفيداً في «سلسلته الصحيحة» ، قال - رحمه الله - :
«وقد يظن بعضهم أنَّ كلّ ما يروى في كتب التاريخ والسيرة أنَّ ذلك صارَ جزءاً لا يتجزأ من التاريخ الإسلامي ، لا يجوز إنكار شيء منه ! وهذا جهلٌ فاضح ، وتنكرٌ بالغ للتاريخ الإسلامي الرائع، الذي يتميز عن تواريخ الأُمم الأخرى ؛ بأنه – هو وحده – الذي يملك الوسيلة العلمية لتمييز ما صح منه مما لم يصح ، وهي نفس الوسيلة التي يُميَّز بها الحديث الصحيح من الضعيف ، ألا وهو الإسناد الذي قال فيه بعض السلف : لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء .
ولذلك لما فقدت الأمم الأُخرى هذه الوسيلة العظمى ، امتلأ تاريخها بالسخافات والخرافات ، ولا نذهب بالقراء بعيداً ، فهذه كتبهم التي يسمونها بالكتب المقدسة ، اختلط فيها الحابل بالنابل فلا يستطيعون تمييز الصحيح من الضعيف ، مما فيها من الشرائع المنزلة على أنبيائهم ، ولا معرفة شيء من تاريخ حياتهم ، أبد الدهر ، فهم لا يزالون في ضلالهم يعمهون ، وفي دياجير الظلام يتيهون!
فهل يريد منّا أولئك النّاس أن نستسلم لكل ما يقال : إنَّه من التاريخ الإسلامي .
ولو أنكره العلماء ولو لم يرد له ذكر إلاّ في كتب العجائز من الرجال والنساء ؟! وأن نَكْفر بهذه المزية التي هي من أعلى وأغلى ما تميز به تاريخ الإسلام ؟!
وأنا أعتقد أنَّ بعضهم لا تخفى عليه المزية ، ولا يمكنه أن يكون طالب علم [بله]( ) عالماً دونها ، ولكنّه يتجاهلها ، ويغض النظر عنها ستراً لجهله بما لم يصح منه ، فيتظاهر بالغيرة على التاريخ الإسلامي ، ويبالغ في الإنكار على ما يعرف المسلمين ببعض ما لم يصح منه ، بطراً للحق ، وغمصاً للناس ، والله المستعان »( ) ا.هـ